و.ضزأ / بغداد / حيدر الكاظمي
اكدت وزارة المالية ، الاحد ، على لسان وكيل الوزير، انها مقتنعة بضرورة تأجيل العمل بقانون التعرفة الجمركية الجديد، الذي اجج مخاوف من ارتفاع صاروخي في الاسعار، وقالت ان لجنة حكومية تقوم حاليا بدراسة مدى امكانية تعليق العمل بضريبة الاستيراد، منوهة الى ان مجلس النواب هو الوحيد الذي يمكنه البت بذلك.
وفيما عزا برلمانيون قرار التجميد الى “الغليان الشعبي الذي يشهده العراق”، شدد خبير اقتصادي على أهمية هذا القانون للنهوض بالصناعة الوطنية واعتبر رضوخ الحكومة امرا طبيعيا بسبب الضغوط التي وجهت اليها من وسائل الاعلام مؤكدا ان لا طريق لتحريك عجلة التنمية سوى فرض رسوم على الاستيراد.
ويعتزم العراق مطلع آذار (مارس) المقبل تطبيق قانون التعرفة الجديد الذي سيفرض ضريبة استيراد على آلاف السلع بنسب تتراوح بين 5 الى 100 %، وذلك بعد 8 اعوام من الاقتصار على “ضريبة الاعمار” البسيطة.
وفي تصريح له” قال وكيل وزارة المالية الدكتور فاضل نبي “تم تشكيل لجنة للنظر في امكانية تطبيق قانون التعرفية الجمركية في موعده المتفق عليه، او امكانية تأجيل تطبيقه لمدة محددة”.
واضاف نبي “تحديد السقف الزمني لهذه المدة رهن قرار اللجنة الوزارية، وقد يكون التأجيل لبضعة شهور او يطول لسنة كاملة، وسيتم رفع توصيات هذه اللجنة الى مجلس الوزراء في غضون اسبوع ومن ثم يرفع مجلس الوزراء توصيته الى مجلس النواب الذي يمتلك الصلاحيات الحصرية في تعطيل القوانين او تأجيلها”.
وعن اسباب التجميد المتوقع لضريبة الاستيراد، قال وكيل وزارة المالية “نحن كوزارة نعتقد ان تطبيق قانون التعرفة الجمركية يحتاج الى ان يطلع عليه التجار ورجال الاعمال والمستوردون، وان يأخذوا وقتهم الكافي في معرفة تفاصيل هذا القانون وكيفية التعامل معه”.
ويضيف “نرى ان يتم تأجيله لفترة معلومة ومحددة لتكون هذه الشريحة على اطلاع كامل بتفاصيله، وان يكون التعامل معه بطريقة سلسة ودون ان يحدث أي ارباك”.
ويردف نبي “انا اعتقد ان قانون التعرفة الجمركية منصف لجميع شرائح المجتمع خصوصا، انه اخذ بعين الاعتبار كل العناصر خاصة ملائمته للمواطن خصوصا السلع الاستهلاكية والادوية”.
وبموجب التعرفة الجديدة، فقد استأثرت “اسلحة صيد الاسماك” بأعلى تعرفة ضريبية (100 %)، تلتها الكحول والمشروبات الروحية التي منع بيعها مؤخرا (80 %)، بينما تصل ضريبة السكائر الى 50 %. ونص القانون بفصوله التي تجاوزت التسعين، على فرض تعرفة قدرها 40 % على محصولي البصل والطماطم.
بدوره قال رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب احمد العلواني “ان العراق بحاجة الى تطبيق منضبط للتعرفة الجمركية، وان تكون لذلك عائدات مالية عبر هذه الضريبة تذهب الى الخزينة، والتعرفة تعتبر احدى البدائل في العراق الذي يعتمد في اقتصاده على تصدير النفط”.
لكن العلواني يستدرك ان “العراق ليس بمنأى عن الفورة الشعبية التي تشهدها المنطقة نتيجة لتردي الاوضاع الاقتصادية والمعاشية”، ويضيف “وعليه كانت هناك اتصالات من سياسيين ونواب لمعرفة هل بالامكان تأخير تطبيق هذا القانون لفترة او تعديله، او تخفيض النسبة”.
واضاف “بصفتي رئيسا للجنة قمت بالدعوة لعقد اجتماع مع الاعضاء الاسبوع المقبل، لبحث امكانية تطبيق هذا القانون في ظل الظروف الراهنة او امكانية تغيير القانون بطريقة تنسجم مع الواقع الحالي”.
ويتابع العلواني حديثه لـه بالقول “عندما اثير موضوع تطبيق قانون التعرفة خرجت ردود افعال كثيرة حوله ومن باب تطويق الازمة تم التريث في تنفيذه فورا”.
ويرى النائب عن العراقية انه “سيتم التريث في تطبيقه سيما وان المنطقة تغلي والشارع ممكن ان يثار في اي لحظة وفي اي طريقة كانت، ونحن عازمون ان تكون كل تشريعاتنا لخدمة ابناء الشعب ولسنا بحاجة الى مشاكل جديدة”.
ورغم اقراره بضرورة تشريع مثل هكذا قانون لتنويع ايرادات الدولة التي تعتمد على النفط اسوة بدول العالم، يقول العلواني “يجب ان تكون خطواتنا متوازية ومتساوية فيما يتعلق بتشريع قانون التعرفة لحماية المنتج المحلي او العمل على تشجيع الصناعة المحلية من خلال توفير البنى التحتية الملائمة للنهوض بالقطاعين الصناعي والزراعي، ولكن بخطى مدروسة كي لا نقع بمشكلة بسبب هذا الامر”.
ويختم رئيس اللجنة الاقتصادية حديثه لـه بالكشف عن “وجود رغبة حقيقية، من اعضاء اللجنة ومن سياسيين وبرلمانيين، اما بتقليل نسبة التعرفة على المستوردين للحفاظ على مستوى الاسعار او تأجيل القانون لفترة ما”.
في غضون ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي ونائب مدير البنك المركزي احمد بريهي قرار تجميد التعرفة “امرا طبيعيا” بسبب الضغوطات التي واجهتها من قبل اوساط اعلامية وسياسية، مشيرا الى ان انعدام الوعي صعّب من الموقف الحكومي.
ويؤكد بريهي لـه انه “لا يوجد في العراق مشكلة سياسية، ولكن المشكلة في ان المجتمع لا يعي متطلبات ان نكون دولة صناعية، وعند طرح هذه المتطلبات لا يقتنعون بها”.
ويضيف “نحن لا نستطيع ان ننهض بالقطاع الصناعي مع ارتفاع لاسعار الانتاج في الداخل وانخفاض اسعار المستورد، لذلك فإن بث الحياة في الصناعة الوطنية بحاجة لعملية جراحية”.
ويلفت الى أن “الحكومة ستضطر الى تأجيل قانون التعرفة بسبب تخلف الوعي الاقتصادي في العراق الذي انعكس هو الاخر بموقف سياسي متخلف ايضا”.
ويتابع بالقول “لا يريد ان يتحمل تكاليف التصنيع في العراق على الرغم من ان ارتفاع الاسعار سيكون لمرة واحدة، ولكن المجتمع لن يتحمل هذه الزيادة كونه مجتمعا ريعيا، ولا يرغب بإن تكون هناك تنمية صناعية”.
ويرى بريهي ان “لا حرج على الحكومة ان اقدمت على تأجيل قانون التعرفة تحت ضغط شعبي قد ينتج لاحقا، وهذا امر طبيعي ويحصل في اغلب بلدان العالم المتحضر”.
لكنه يمضي مشددا على ان العراق لو اراد تنمية صناعية “فيجب ان تكون على حساب المستهلك، واذا اردنا مصلحة المستهلك فيجب ان ننسى التنمية الصناعية وهذه الحكومة ولا عشر حكومات اخرى بعد ألف عام، لن تستطيع ان تسعد المستهلك وتنمي الصناعة في وقت واحد”.