و.ض.أ / القاهرة / خاص
استضافت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) و المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) ومركز البحوث الزراعية وجامعة الزقازيق أمس ورشة عمل متنقلة رفيعة المستوى في محافظة الشرقية، التي تبعد 60 كلم شمال القاهرة. وهدفت الورشة إلى تشجيع صغار المزارعين والمزارعات على تبني ممارسات فعالة في المزارع المروية، تقوم على استخدام أحواض الزراعة المرتفعة باستخدام الآلات لتعزيز إنتاجية المياه وكفاءة استخدامها.
كما هدفت ورشة العمل إلى تشجيع كبار صانعي السياسات على التفكير في مسائل إدارة الموارد الطبيعية من زاوية تعزيز التقنيات الزراعية الجديدة في جميع أنحاء الجمهورية، لإنتاج مزيد من الأغذية باستخدام موارد طبيعية أقل.
وتعد أحواض الزراعة المرتفعة طريقة من طرق زراعة المحاصيل الزراعية، والتي تتم عن طريق عمل أخاديد طويلة وضيقة في الأرض من خلال استخدام المحراث وزراعتها بالمحاصيل. ويتحدد عرض الأخاديد بطريقة تضمن توزيعاً متساوياً للمياه في التربة بهدف الوفاء بمتطلبات المحاصيل من المياه.
وطورت مصر تقنية أحواض الزراعة المرتفعة جنباً إلى جنب مع مجموعة إنتاجية متكاملة، بما في ذلك إنتاج أصناف محسنة من المحاصيل والممارسات الزراعية لمعالجة مشاكل ندرة المياه في مصر. وبالإضافة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه بنسبة 75 بالمائة مقارنة بالري السطحي التقليدي، ستؤدي أحواض الزراعة المرتفعة، جنباً إلى جنب مع الحزمة التقنية المتكاملة، إلى تخفيض تكاليف الري وزيادة إنتاج المحاصيل.
وستؤدي تكنولوجيا أحواض الزراعة إلى إحداث تأثير إيجابي على دخل المزارعين، وذلك من خلال زيادة غلال القمح بنسبة تصل إلى 25 بالمائة. وطور مركز البحوث الزراعية وجامعة الزقازيق وإيكاردا هذه التقنية، من خلال تعاون وثيق مع الشركاء المحليين، وذلك في إطار حملة القمح الوطنية المصرية ومشروع الأمن الغذائي العربي، الذي يموله الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والبنك الإسلامي للتنمية، ومؤسسة بيل وميليندا جيتس. وجرى توزيعها على المزارعين وهي تغطي حالياً مساحة أكثر من 29,000 هكتار في مصر.
وتشمل الآثار البيئية الإيجابية لأحواض الزراعة المرتفعة تقليل ملوحة التربة وتلوث المياه والتربة وتشبع التربة بالمياه وتصريف المياه.
وانضم جميع المشاركين في ورشة العمل إلى منصة مزارعين متكاملة تبنت حزمة أحواض الزراعة المرتفعة. وربط المتحدثون كلماتهم التي ألقوها بمبادرة ندرة المياه المصرية، جنباً إلى جنب مع تقييم تأثير حزم أحواض الزراعة المرتفعة الخاص بالنوع الاجتماعي (الجندر) والاقتصاد الاجتماعي.
وجرى بالفعل التحقق من تقنية أحواض الزراعة المرتفعة في حقول المزارعين المزروعة بالقمح والبرسيم والفول والذرة والقطن، وذلك من خلال “مشروع مقارنة الري”، الذي نفذه مركز إيكاردا في دلتا مصر، بتمويل من الصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية. وأدى تطبيق هذه الحزمة إلى حدوث تحسن كبير في الإنتاجية الزراعية وإدارة الري في المزارع الموجودة في الأراضي المروية الرئيسية. وكان من أهم إنجازات هذه التقنية تحقيق زيادة في إنتاجية القمح بنسبة 25 بالمائة و15 بالمائة للفول، والحد من مياه الري المستخدمة بما يقرب من 30 بالمائة.
و تعليقاً علي اهمية هذه التكنولوجيا، قال باسكوال ستيدوتو، ممثل الفاو في مصر و نائب الممثل الإقليمي للشرق الأدنى و شمال افريقيا لـ ( وكالة الأضواء الاخبارية ) ان التأثير المتزايد لتغير المناخ في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ضغطاً إضافياً على قدرتنا على تلبية الطلب المتزايد على المياه والغذاء. وأُطلقت مبادرة ندرة المياه لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا عام 2013 كاستجابة تهدف لتحقيق تحسين مستدام في الإنتاجية الزراعية من خلال إدارة أفضل للموارد المائية الشحيحة. وكانت تقنية أحواض الزراعة المرتفعة هذه واحدة من تدخلات مبادرات المناخ الذكية الزراعية التي وفرتها الفاو لمساعدة البلدان الأعضاء بالشراكة مع جهات بحثية مثل إيكاردا ونظام الزراعة الوطني لزيادة استخدامها، وبالتالي الارتقاء بمستوى أهم الأبحاث التي قبلها المزارعون ولتحقيق فوائد متعددة ومثبتة لاعتمادها على نطاق واسع.
و قد قال مدير عام مركز إيكاردا الدكتور محمود الصلح، كانت مصر أول دولة ترحب بمركز إيكاردا وتتعاون معه كشريك استراتيجي في مجال البحوث ذات الصلة بندرة المياه. ومنذ تأسيس المركز عام 1977، طورت كل من الحكومة المصرية وإيكاردا قاعدة صلبة للتعاون، ما أدى إلى إنجاز العديد من المشاريع، تتعلق جميعها بالبحوث الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة والأمن الغذائي. وترتبط أبرز ثمار تعاوننا بإدارة المياه المستخدمة في الزراعة وتطوير أصناف من القمح والفول مقاومة للحرارة والجفاف لتتكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ.”
وتقدر الخطة القومية للموارد المائية في مصر لعام 2017 أن يرتفع إجمالي المساحات المزروعة في القطاع الزراعي إلى 4.05 مليون هكتار بحلول عام 2017 وإلى 4.83 مليون هكتار بحلول عام 2030. كما تتوقع الخطة أن ترتفع مساحة المناطق المزروعة بالمحاصيل إلى ما يقرب من 8.06 مليون هكتار عام 2017، وبمعدل تكثيف يصل إلى 198 بالمائة، وإلى نحو 9.66 مليون هكتار عام 2030، مع معدل تكثيف يصل إلى 199 بالمائة.
وإدراكاً من و الفاو إيكاردا للتهديدات التي لا تزال تفرض قيوداً على نظم الإنتاج الزراعي في مصر والمنطقة ككل، عززت الجهتان من التعاون والشراكة فيما بينهما عام 2015 من خلال توقيع اتفاق جديد بهدف توسيع نطاق استخدام التقنيات التي أثبتت نجاعتها والذكية مناخياً، بما في ذلك زيادة استخدام تقنية أحواض الزراعة المرتفعة المتكاملة باستخدام الآلات.