و.ض.أ / بهاء مانع المنصوري
احتفى إتحاد ألأدباء والكتاب في البصرة بالقاص والروائي سعيد حاشوش للحديث عن تجربته ألإبداعية بمشاركة عدد من ألأدباء والنقاد ، أدار الجلسة القاص عبد الحليم مهودر .
سعيد حاشوش قاص وروائي مواليد البصرة عام 1959 بكلوريوس آداب أصدر قوس قزح أبيض عام 2007 مجموعة قصصية ، لا أحد يشبه المسيح عام 2009 ، التمثال صدرت على مجموعتين إحداها عام 2010 والأخرى عام 2017 ودرب الفيل عام 2017 .
قدم المحتفى فيه للحضور القاص عبد الحليم مهودر قائلا ” جلسة اليوم عن روائي يكتب عن البصرة بطريقة مميزة ، إن سعيد حاشوش هذا الفقير في كل شيء إلا في سرده وحقيقة إنه يلتمس الواقع بل يغور في طياته العميقة جدا بحيث يسرد عن قاع القاع في مدينة الجمال إلا إنه يكتب عن أشد قتامة المدينة وأحزانها و فقرها ودائما يعطينا صورة عن ألألم والواقع المر الذي تعيشه أطراف المدينة فهو لا يكتب عن مركز المدينة بل أطرافها وعن ألأشياء البعيدة ألتي لا يتلمسها الشخص ، هذا هو سعيد حاشوش وأنا يستهويني كما يستهوي الكثيرين بسرده كونه يقدم سردا مميز يمتاز بواقعية ثرية “.
وقال الكاتب محمد خضير في حديثه عن رواية درب الفيل ” درب الفيل تحتوي على روايته السابقة التمثال إضافة إلى ما يزعم إنها تحتوي على إحدى عشر رواية أخرى لذلك فإن درب الفيل هي الوثيقة ألتي تصلح للتحليل والتقييم وموضعة هذه الرواية والنوع السردي ألذي اختاره سعيد بين مواضع السرد ألتي نشأت في مطلع القرن الجديد وحقيقة لا أعرف عدد الذين قرأوا الرواية ولكن من قرأها سيعاني ما عانيته من صبر يضاهي صبر (حمار سباهي) ألذي تحتويه الرواية ، فالرواية هي عبارة عن خطاب سردي متصل بمنلوج همياني متصل على امتداد 292 صفحة غير أن التحليل النقدي عن هذه الرواية لابد أن يبدأ بالثوابت أو العناصر التقليدية لأي رواية إذا اعتبر فعلا هذه الرواية بالرواية وهذه العناصر هي ( الزمان والمكان والشخصيات والرؤيا والحدث ) “.
وأضاف ” الزمان في الرواية هو عبارة عن مركب من ألأزمنة تتجه باتجاهين أحدها من الماضي ويتضمن ذكريات الطفولة والعائلة والأبوين بصورة خاصة وشعبة من هذا الزمن تتجه إلى الاعتقال بالزبير وأربيل وشعبة تتجه إلى الجندية وذكريات عن المرصد 525 عندما كان جنديا حارسا للجثث والشعبة الرئيسية الأخرى للزمن هي المستقبل وهذه الشعبة تعج تكتظ بالتهويلات والتحليلات والتصورات كما إنها تشير إلى إذابة الروايات السابقة في روايته الحالية بما تشكل حاضر الزمن ألذي يكتب فيه سعيد ، المكان أيضا مركب من عدة أمكنة فهنا الدريهمية في الزبير وهناك أربيل والدراسة في الجامعة والقسم الداخلي والاعتقال في الأمن وهنا أيضا شرق البصرة ومعارك الحرب العراقية الإيرانية غير إن هذين العنصرين الزمان والمكان سرعان ما يختصرهما سعيد في بعد واحد هو( الزمكان ) ويعطي لهذا البعد تسميات متعددة أهمها المركز الصفري أذي يبتلع جميع الأزمنة والأمكنة ويبتلع جميع التهويلات والتحليلات والتصورات .
الشخصيات في أغلبها شخصيات حقيقية أهمها شخصيتين حقيقيتين أحداها للقاص طاهر حبيب عندما كان زميلا له في الخدمة العسكرية والأخرى عقيل سيد زيارة خلال دفن الابن في نهاية الرواية في مقبرة الزبير ، وهناك شخصيات ثانوية كثيرة ترافق السرد من البداية حتى النهاية مثل سباهي وحماره والفتاتين سهام وياسمين ومجموعة الغجر في حي الطرب وهذه شخصيات عابرة وستعرف من اسلوب سعيد هذا الأسلوب الاستحواذي أن جميع الشخصيات يوضفها لخدمة صوته السردي الخاص لذلك لا تستطيع أن تتمثل هذه الشخصيات لإعتبارها فواعل سردية أساسية في الرواية وإنما هي فواعل موظفة لخدمة صوت السارد الرئيس وهو صوت سعيد ، الرؤيا والحدث ، أن الرواية مصوغة في شكل خطاب موجه من راوي ضمني وهو الكاتب إلى زوجته حياة ويتصف هذا الخطاب الموجه إلى الزوجة بالتدفق الحر بالمنلوج غير المنقطع بالالتفاف الحلزوني حول الذات الساردة وهو يروي هذا الخطاب بضمير الأنا ألذي تجتاحه مشاعر مضطربة وتحليلات نرجسية وتهويلات جنسية وتتردد خلالها أفكار حول الاغتصاب والجنون والانتحار الثوري .
وبين أن رواية درب الفيل لا تخضع لمقاييس شكلية روائية تقليدية وإنما هي كما قلت تتدفق في منلوج طويل يمتد دون فواصل ودون وقفات يعني رواية دون فصول ولا وقفة استراحة فعلى القاريء أن يقرأها بشكل متصل كجملة واحدة أو مجموعة جمل تترابط بصوت واحد لا ينقطع أبدا ومن هنا من الصعوبة أن يتتبع القاريء نقاط بداية أو نقاط انتهاء أو نقاط توقف فهي كما قلت منلوج يقع في 292 صفحة ، وكثير ما يصرح سعيد في روايته بأن روايته عبارة عن لعبة على رقعة شطرنج فيها مربعات وهذه المربعات تتمثل فيها إحداثيات الزمان والمكان وقد ينسخ سعيد هواجسه المتدفقة إلى وثائق طلسمية، إلى أحجار، إلى سحر، إلى تكهنات ولذلك فأن هذا السرد الموزع على أكثر من مركز أو على أكثر من اتجاه سينحل أخيرا في المركز الصفري مركز العدم السردي ولذلك فأن رواية سعيد حقيقية تتنبأ بما تنبأت فيه سابقا في جلسة أخرى بأن الرواية حين تبني نفسها فأنها تهدم هذا البناء بمعنى أن الروابة لا تكتمل أبدا بمعنى أن الكاتب لا يستطيع أن يكتب رواية بمعنى إن الرواية قد بلغت حدها الأخير “.
وتحدث القاص والروائي سعيد حاشوش مبينا أنه وجد في روايته ألأولى درب الفيل وقد تحسس ذلك الكاتب محمد خضير نبوئي نجد رجل يمثل داعش في كل يوم يطول لحيته إصبع ويقصر رداءه إصبع وفي المقابل أب يمثل الشعب العراقي وأنا أعتقد إن هؤلاء المتطرفين في يوم ما يجب أن يلتقوا ولدي تفسير أنا أقول دائما في يوم 14 تموز إن الطائفية ما هي إلا زحزحه للعداء الطبقي الموجود بيننا وبين الأسياد لأنه في مقتل عبد الكريم قاسم في رمضان وفي ذلك اليوم لم يكن عيدا في 22 رمضان ، كيف جعله ألإقطاعية عيدا ، العداء الطبقي تحول إلى عداء طائفي والرواية تؤكد على ذلك على إنه العداء الطائفي فعلا تزحزح إلى عداء طائفي والاستعمار والمحتل بطبيعته لا يترك الشعب يفعل ورد الفعل يكون ضده ، يجب أن يزحزح هذه السيطرة وهذا الاحتلال إلى عداء بين الشعب نفسه ووضع متطرفين أو ساهم في إيجاد داعش وفي المقابل نحن أيضا سوف ننتج تطرف وعندما ينتهي داعش يكون تطرفنا هو العدو الأساس كل ذلك تقوله رواية درب الفيل وعندي رواية أخرى اسمها العزلة ، وفي العزلة هم نفسهم الأبطال أيضا وتدور في ساحة الزبير بن العوام ولأن البطل بائع للكتب والوثائق وللروايات الاثني عشر مستنسخة ومعلقة على سياج الساحة وفي لحظة يتصور نفسه أن الأبطال هربوا وهو يصعد إلى الصعدة الأولى المعلق فيها على القضبان ورواية التمثال أيضا تجد فيها البطل معلق على القضبان ، رؤية الناس وهم محتلون وأنت معلق هذا هو ثيمة الرواية الأصلي وكل الثيمات الأخرى تتطبع .
Share