الرئيسية » الثقافة والفنون » العنوان : قراءة في أعمال الروائي عبد الغني ملوك

العنوان : قراءة في أعمال الروائي عبد الغني ملوك

و.ض. أ / سوريا / لينا إبراهيم 

الأديب و الروائي عبد الغني ملوك تفرغ للرواية منذ عام 2008 ليكون في رصيده ثماني روايات متنوعة و منها ” أواخر الأيام , السوسن البري , أحلام الذئاب , المعجزة , مرايا النهر “قصص” ومجامر الروث الثلاثية .
روايات الأديب عبد الغني ملوك تتميز بالسرد المدهش للأحداث وعنصر التشويق و الجذب من مفاجآت وأحداث مرتبطة بدقة ليشكل هذا السرد تحليلاً للواقع الاجتماعي الذي ينتج عنه صدام طبيعي بين قوى الخير و قوى الشر و تكون نتيجته لصالح الحياة الإنسانية أي لصالح الخير.
و في دراسة نقدية قدمها الأديب والإعلامي عيسى اسماعيل أشار : أن الكثير من الروايات تحمل إدهاشاً متميزاً لكل من يقرأها ومنها على سبيل المثال في قصة (محمد علي فلة) من رواية “مرايا النهر” و نقرأ منها هو : ابن خالة عنايات , و زميل دراسة و صديق مخلص فيما بعد ..و هو متفوق و يريد دراسة الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء في جامعة دمشق …أما الماجستير و الدكتوراه في أمريكا و عندما يعود حاملاً الدكتوراه بالطاقة النووية من أمريكا لا يجدون له عملاً و يعرض شهادته و مشروعه لإحداث “مركز دراسات و أبحاث نووي “على عدد من الوزراء وعلى رئيس الوزراء ولكن دون جدوى فيعين موظفاً في وزارة الزراعة . هذه السخرية المريرة نتج عنها إدهاشاً لدى المتابعين بين السلبية والإيجابية و تزداد هذه الدهشة و المرارة عندما يعود إلى أمريكا فيرحبون به قائلين “أنت و امثالك سبب قوتنا و سيطرتنا على العالم” ….
كما أوضح الأديب عيسى اسماعيل أنه من تقنيات السرد التي تحضر بشكل مستمر في روايات الروائي عبد الغني ملوك القصة الفرعية داخل القصة الرئيسية فجموع الأحداث تشكل الحدث الأكبر” القصة الرئيسية” و تتفرع عنها قصص صغيرة أو ثانوية تشكل بمجموعها داعم للحدث الاكبر “القصة الرئيسية” و تتشابك القصص الفرعية بالقصة الرئيسية من تقنيات السرد الروائي الحديث وتعبر عن مهارة و إبداع في صياغة الحدث مما يخدم الفكرة و الأسلوب .
وفي قراءته النقدية في روايات الملوك أكد الاعلامي عيسى اسماعيل أن البعض يصف روايات عبد الغني ملوك بالاجتماعية لكن هذا الوصف مع أنه صحيح لا يمثل الحقيقة كاملة لأن رواياته متعددة الوجوه ” اجتماعية , سياسية , عقائدية , و فكرية ” خاصة أن الرواية لها أبعادها السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العقائدية وغيرها . فالروائي ينتقد كل ما هو سلبي في حياتنا و نحن نقرأ رواياته يشعر كل منا أنه المعني بهذا السرد و أن شخصية فلان تطابق شخصيته .
نماذج متعددة للشخصيات :
تتعدد نماذج الشخصيات في روايات الملوك و كل هذه النماذج موجودة في الواقع الحياتي و منهم : رجل الأعمال , رب المنزل , المحامي ,رجل الدين , المجرم , العامل العادي , الفلاح , المهندس , و البائع . والكثير من الشخصيات التي تلامس كل واحد منا
هذه الشخصيات لها حضورها الفاعل في دفع الأحداث نحو التعقيد و كل له طموحاته و انكساراته و تأثيره السلبي و الإيجابي في المجتمع و هذا ما يغني الرواية بالأحداث الواقعية . مع الاشارة للجرأة في روايات الملوك حسب الأديب اسماعيل التي لم يسبقه إليها أحد إلا بنسبة قليلة . فهو يكشف برواياته الكثير من مساحة المسكوت عنه لتكشف الفساد و المفسدين وتتنقد بصوت قوي عادل .
من ناحية أخرى وفي تحليل قدمه الكاتب ومدرس اللغة العربية نزيه ضاحي حول رواية
” أواخر الأيام” أشار أن الرواية التي تتركز حول شخصية ” عبد القادر ” بطل الرواية الذي يسبح عكس التيار المعاصر فقد عاش معظم حياته حارساً للمال دون التفكير باستثماره في مشاريع خيرية أو اقتصادية .
وأضاف الكاتب ضاحي أنه في صحوة مفاجئة تقرر شخصية عبد القادر تغيير مسار حياتها بعد أن دخلت عوامل متعددة شجعته على هذه الانطلاقة الجديدة المتحررة من قيود الجشع و الطمع و عبادة المال فيقرر الانطلاق إلى فضاءات جديدة مفرداتها محبة الآخرين و الرغبة في مساعدتهم الماضية .
وبالنسبة إلى الشخصية الثانية من الرواية و هي عباس الداعور كما أكد الكاتب ضاحي فأن الشخصية اختصرت كلّ الموبقات التي حللها لنفسه حيث تسلل إلى عالم عبد القادر بدهائه الشيطاني حتى توصل إلى أن يكون شريكاً له في المتجر الضخم الذي ورثه عن أبيه بسوق الحميدية و الذي شجعه على ذلك غباء عبد القادر و تهوره .
و تابع ضاحي دراسته النقدية في عرض سريع لشخصيات الرواية ومنهم “الخادمة سميرة درويش” التي استطاعت أن تتنقل من مرتبة خادمة لدى منزل عبد القادر إلى معيدة في جامعة دمشق بعد دراسة طويلة وجهود مضنية . و إلى شخصية “نور الصباح” الموظفة لدى عبد القادر بصفة مخلصة جمركية التي قضت بقية حياتها عازبة مرفوضة من المجتمع لأنها شجرة بلا ثمار وكل شجرة من هذا القبيل ليست سوى قطعة حطب يابس .

و أكد ضاحي أن الروائي عبد الغني ملوك في هذه الرواية ارتاد أفاقاً جديدة ذات بعدٍ اجتماعي , بعكس رواياته السابقة التي حملت هموماً وطنية و قومية وشخصية بامتياز . فقد استطاع أن يعزف إيقاع الحب و الحنان و إيقاع القسوة و العنف على وتر واحد , ليعلن بروايته أن السعادة تتوهج في أعماقنا كشعلة مقدسة لا تطفئها شلالات الدم .
وأوضح الكاتب نزيه ضاحي أنه في التعريف الأكاديمي للفنون الأديبة قاطبة ” قصة ,شعر , رواية , مسرحية , مقالة ” أنها تجربة إنسانية يمر بها الأديب فينفعل بها و يعبر عن انفعاله بالكلمة الجميلة هذا من حيث المضمون .أما من حيث الشكل فإنها محاكاة للواقع أي أنها تنظر للواقع من علٍ محلقةَ بأجنحة الخيال المبتكر و الصورة البارعة و الأسلوب الفني الأخاذ.
و من هذا المنطلق نرى أن المعادل الموضوعي الفني في هذه الرواية يتضح من خلال أسلوب سهل ممتنع يوظف جملاً تعبر عن المعنى بوضوح و ألفاظ جزلة فصيحة تؤطر صور مبتكرة فيها مهارة و إدراك للحقائق الحياتية التي تورق بالإبداع و الجدّة
تجمل الكثير من الدراسات والآراء أن روايات الأديب عبد الغني ملوك قيمة إضافية للرواية ليست السورية فحسب و إنما الرواية العربية و هي مجال هام لتكون جزء للدراسات الجامعية و العليا في سورية.

 

 

Share