و.ض.أ/ خاص
استذكرت مجموعة من أدباء البصرة القاص والسيناريست الراحل مصطفى عبد الله. في جلسة قدمها الشاعر عبد السادة البصري، ضمن
فعاليات ملتقى جيكور الثقافي التي تقام كل أسبوعين. افتتح الجلسة البصري، متحدثاً عن حياة عبد الله وتحولاته الفكرية والأدبية، ومشاريعه
في الكتابة، قائلاً إنه لم يكن قد تعرف عليه سابقاً، و”لم ألتق به في حياتي، لكني سمعت باسمه من أصدقائي الشعراء، وتألمت كثيراً لوفاته
غريباً. عرفت أنه كان مدرساً لمادة الأحياء في إحدى مدارس الفاو الثانوية في سبعينيات القرن المنصرم، وكان شاعراً ضمن موجه الشعراء
“الستي- سبعينيين” الذين عبدوا الطريق لنا؛ نحن أبناء الأجيال اللاحقة”.
وأضاف: بعد سقوط الفاشية في العام 2003 قرأت له بعضاً من النصوص التي نشرها أصدقاؤه هنا وهناك، ومن ثمَّ عرفته جيداً بعد أن أعد
صديقه الحميم الشاعر عبد الكريم كاصد مجموعته (الأجنبي الجميل) في العام 2004، ورحلت مع كل قصائده بسرحات أعادتني لزمن
السبعينيات… مصطفى عبد الله شاعر مبدع أكلته الغربة بكل معانيها، غيبته عن أهله وناسه ومحبيه زمناً، ثمّ غيبته جسداً من غير رجعة، لكن
روحه وحكاياته وضحكاته وقصائده حية بينهم وبيننا.
“الأجنبي الجميل”
قبل بداية الاستذكارات، صعد الشاعر مقداد مسعود إلى منصة الاستذكار ليقرأ قصيدة الأجنبي الجميل بصوته، قائلاً:
أنا الأجنبي الجميل/ وهذا لساني الذي يشتهي ولا يستحي/ فيقول: أنا الأجنبي الجميل/ تحيرت بين قميصي وهذا الضباب الخفيف/ تطلون منه
عليَّ فلا تجدوني معه/ أنا الأجنبي، تحيرت بين قميصي/ وجلدي الضعيف/ تطلون منه عليَّ ولا تجدوني معه/ تعثرت بالحاضرين وقمت إلى
المائدة/ قمت على قدم واحدة/ وكان الكلام الجميـل يهـلّ
ويغسل كل الصحون…
كلمات
وفي كلمته، قال شقيق الراحل؛ أنس عبد الله، كان مصطفى يعيش حياة الناس البسطاء ويعشقهم، فلم يبنِ لنفسه سكناً، فسكنوا قصائده، لم يطوق
عنقه يوماً بربطة عنق، فقد كان يكره الاختناق ويرتشف جرعات الشاي الأسود ثمَّ لا يتوقف عن
الكتابة.
من جانبه بيّن الشاعر عبد العزيز عسير أن بيت مصطفى عبد الله كان كبيراً، لكنه لم يسكن فيه، واضطر أن يخرج من باب أوصده السارق
في وجهه. وعلى الرغم من اغترابه، فقد كانت الكلمة والتأليف همه الأول، فكتب عدداً من السيناريوهات والمجموعات الشعرية، فضلاً عن
بداياته القصصية، غير أن ما يثير أكثر هو تأليفه كتابين علميين طبعا في المغرب ويعدان مرجعين مهمين في علومالأحياء.
الناقد جميل الشبيبي، فقد كان من المؤمل أن يحضر لقراءة ورقة نقدية عن التراثي الأدبي والشعري لمصطفى عبد الله، غير أنه لم يتمكن من
ذلك، فقرأ ورقته الشاعر عبد السادة البصري. أشار الشبيبي إلى أن عبد الله واكب التحولات الاجتماعية والسياسية في الساحة العراقية، بعد
الهجمة الشرسة في العام 1963، إثر الهزيمة المرّة لقوى اليسار العراقي وكل القوى الوطنية. كان مصطفى من ذلك الجيل المتمرد على
تيارات الثقافةالوافدة.
بيّن الشبيبي أنه عرف عبد الله في العام 1965 من خلال الروائي إسماعيل فهد إسماعيل، فهو يمتلك شخصية ثقافية واضحة، وخلال فترة
قليلة أصبح صديقاً ملازما لنا.
في تلك الفترة، لم يكن هناك تيار ثقافي قار، بل مجموعة من التيارات الثقافية،.
بالنسبة لعبد الله كان محافظاً يميل إلى وجهات نظرٍ دينية، لكنه سرعان ما تأثر بالتيارات الثقافية من دون تطرف، متخذاً من السرد القصصي
وسيلة للتعبير عن أفكاره. وكان أول كاتب بيننا بدأ النشر في الصحف المحلية البصرية.
Share