و.ض.أ/ خاص
اشتهرت بغداد بجانبيها – الكرخ والرصافة – بمجالسها العلمية والثقافية والمهنية , حيث يشارك في اقامتها وادارتها العشرات من العلماء والأعيان من ذوي الوجاهة واليسار من المسلمين والمسيحيين واليهود جمعت بينهم النزعة العلمية وحب الثقافة ورعاية المهنة وإدامتها وأصل مصطلح ( المقهى ) هو المجلس أو الديوان وعندما بدأ بتقديم شراب القهوة أطلق على هذا المجلس أو الديوان اسم المقهى أو القهوة ويلفظها عامة الناس ( الكهوة ) وتجمع على ( الكهاوي).
ويبين الكاتب زين النقشبندي في كتابه ( تأريخ مقاهي بغداد القديمة ) الصادر عام 2013 عن وزارة الثقافة لمشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية في مقدمته عرفت بغداد المقاهي في العهد العثماني , اذ كان في كل محلة من محلات بغداد مقهى واحد على الاقل أو اكثر حسب عدد سكانها وان اقدم الاشارات التي وصلتنا ما ذكره مرتضى نظمي زادة عن أسم اقدم مقهى في بغداد كان قائماً حتى مطلع القرن الحالي يعود الى سنة 999ه – / 1590اذ شيد جغالزادة سنان باشا الذي كان واليا على بغداد خاناً ومقهى مجاوراً له وسوقاً شهيرة وهذا اول مقهى ذكر بناؤه في بغداد .
ضم الكتاب عدة عناوين عن المقاهي في بغداد ومنها ألفاظ شاع استعمالها في المقهى التي تعبق بنكهة من الاعراف والعادات الاجتماعية التزم بها البغداديون ومنها (الوير) او (صاح وير) وهي كلمة بغدادية عن قيام الانسان بواجب الضيافة وكلمة وير تركية بمعنى (أعط) واضافة الى ما كان يستعمله (القهوجية) الى اوائل خمسينيات القرن العشرين من السكر (كلة القند) في تحلية الشاي بعد تقطيعه الى مكعبات منتظمة ويمضي المؤلف في الحديث عن دخول البن الى العراق والدور الاجتماعي والثقافي للمقاهي حيث تؤدي وظائف مشتركة وتتوارث مجموعة من التقاليد التي تحرص على أدائها وكان هناك فنون اللهو والتسلية في المقاهي البغدادية القديمة وما يميز المقاهي في شهر رمضان بحضور القصاخون او الحكواتي فيها فقد وجد الناس في المقاهي الخاصة التي كانت يقرأ فيها القصاخون وهي مقاهي تناثرت حول اطراف المحلات البغدادية حيث اعتاد الناس ان يسمعوا قصة عنتر او ابي زيد الهلالي وهما قصتان تحكيان الجانب البطولي ويعبران عن الذات الكامنة مطابع الكامنة.
وكان لمؤلف الكتاب وقفة عند مطبعة ومقهى الشابندر التي هي نموذج لمقاهي بغداد القديمة ومطبعة الشابندر حيث يقول المؤلف : كانت هذه المطبعة أول مطبعة بخارية استخدمت في العراق وهي المطبعة الوحيدة من نوعها الموجودة في بغداد تعمل بالبخار ( حينذاك ) حيث كانت تحتوي على ىلتين بخاريتين تطبع كل منهما ( 300 ) نسخة في الساعة اضافة الى آلة اخرى وفيها أيضا مطبعة حجرية كبيرة وقد تميزت هذه المطبعة بتفوقها وبطاقتها وبإمكانياتها على مطبعة الولاية التي استوردها والي العراق المصلح مدحت باشا لإصدار أول جريدة في بغداد والعراق ( الزوراء ) .
ويضيف اما مقهى الشابندر سمي باسم اصحابه من اسرة الشابندر العائلة البغدادية القديمة التي عرفت بالغنى والجاه وعميد هذا البيت هو الحاج محمد سعيد بن الحاج احمد اغا الشابنـدر الـذي كـان والـده رئـيس التجـار فـي بغداد ومـن خلال الحديـث يذكر الحاج محمـد الخشالي القائم حالياً على ادارة هـذا المقهـى ان المقهى اسس سنة 1917 حيث تم تهديمها وإعـادة بنائـه بعـد ان كانـت مطبعة معروفـة مشهورة في بغداد وقام الحاج مجيد بن الحاج عيدان بتأثيثه كمقهى ثم أعلن عام 1920 عن ايجاره.
وهناك ملحق في الكتاب يبين اسماء المقاهي الوارد ذكرها والعلامات والحجج الشرعية خلال القرون الخمسة الأخيرة ضم ( 87 ) مقهى ومنها :
– مقهى احمد افندي – واقع في محلة الميدان
– مقهى احمد افندي بن سميت – يقع عن يسار الداخل من الميدان الى الطريق المحاذي لسور القلعة ( وزارة الدفاع )
– مقهى أحمد باشا – يقع على الارض الاميرية قرب القلعة الداخلية المحدودة بخندق المدينة وساقية مراد باشا .
– مقهى احمد الشاوي – يقع في سوق الخفافين
– مقهى الملا اسماعيل آل ثنيان – يقع في محلة راس القرية يحده من جهة أخرى خان الكرج
– وهناك ملحق أخر للمقاهي الوارد ذكرها في تقرير جيمس فيلكس جونز ( 1853) وتضم (36 ) محلة ومنها
– محلة باب الاغا :
مقهى خان الاتمة , مقهى صغير , مقهى بروازي .
– محلة الطوبجية :
مقهى المحكمة , مقهى جدية .
– محلة كنج عثمان :
مقهى كافل حسين , مقهى الكمرك , مقهى كنج عثمان .
– محلة سوق الغزل :
مقهى الاغا
كما وتميز الكتاب في صفحاته الاخيرة بعدد من الصور للمقاهي القديمة في بغداد ومنها صورة الشاعر البغدادي الملا عبود الكرخي وشارع السراي وركن من مقهى الشابندر اضافة الـى مقهى فـي باب المعظم (باب السلطان) وهـناك صـورة أخيرة لمقـهى آل المميـز حيث تظهر بقايا الكتابة الآجريـة التي ثبتت فـي عهد المستنصر بالله العباسي عـلـى الجـدار المطل علـى دجلـة ابتدأ مـن اول ربـع الحنفية الى آخـر ربـع الشافعـية وقـد ازيلت بقايـا المقهى ورممت الجدران التي فـي ربـع الشافعيـة واظهرت الكوى والشبابيك المزخرفـة المطلـة على النهر والتي كان الفقهاء يتفرجون منها على القوارب والسفن الصاعدة والمنحـدرة في نهـر دجلة .
Share