و.ض.أ/ بغداد/ خاص
أعلنت السلطة القضائية الاتحادية ان إحصائيات نوعية أفادت بأن الأعوام العشرة الماضية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق، وفيما أرجع قضاة في محاكم الأحوال الشخصية الأسباب إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، قالوا إن حوالي 70% من طلبات الطلاق تتقدّم بها الزوجة.
وذكر بيان انه “وطبقاً لإحصاءات دورية رسمية عن عمل المحاكم في العراق فأن مجموع حالات الطلاق وصل إلى 516 الف و784 حالة خلال الأعوام من 2004- 2014، في وقت كان مجموع حالات الزواج مليونين و623 الف و883 حالة خلال هذه المدة، ما يعني أن حوالي 20% من هذه الزيجات انتهت بالطلاق”.
وأشار الى أن “الإحصاءات تُظهر إن حالات الطلاق تتصاعد تدريجياً حتى تبلغ ذروتها في عام 2011 بواقع 59 الف و515 حالة طلاق، بينما سجّل عام 2004 أدنى نسبة خلال العقد الماضي بواقع 28 الف و690 حالة طلاق، وفيما سجّل العام 2004 نفسه أعلى نسب الزواج بمعدل 262 الف و554 حالة، شهد العام 2007 أدنى نسب الزواج بواقع 217 الف و221 حالة”.
إلى ذلك، قال القاضي سعد الإبراهيمي إن “القضاء يجهد للحيلولة دون وقوع حالات الطلاق لما له من تأثيرات سلبية على المجتمع لا سيما الأزواج الذين أنجبوا أبناء لأن نشأة الطفال ستكون خالية من العلاقة الأسرية الطبيعية بوجود الأم والأب”.
وأضاف الإبراهيمي أن “مكاتب البحث الاجتماعي أنشئت في المحاكم منذ زمن بعيد ودعمت بكوادر متخصصة لغرض الحد من هذه الحالات”، مشيرا إلى أن” هذه المكاتب نجحت في التقليل من نسبة حالات الطلاق، فقد استطاع مكتب البحث الاجتماعي في محكمة الزوراء إجراء الصلح بين 20-30% من الأزواج الذين طلبوا الطلاق العام الماضي”.
وبرّر القاضي الإبراهيمي ذلك بأن “المناطق المحيطة بمحكمتنا حضرية لذلك فأن حالات الطلاق أقل، من هم على مستوى من الثقافة يضعون الطلاق آخر الحلول على الرغم من أن هناك من سكان المدينة ممن ثقافتهم محدودة”.
غير أن القاضي الإبراهيمي يلوح بوجود “حالات مستعصية لا سيما في المناطق التي تكون فيها الحالة الاجتماعية أو الثقافية دون المستوى المتوسط واغلبها في المدن ذات الطابع الريفي”.
وأكد أنه “غالبا ما يتم حسم موضوع الطلاق عائليا وعشائرياً خارج المحكمة ويضعون المحكمة كحلقة أخيرة، بحيث يكون دورها للتصديق فقط”، لافتا إلى أن “المحكمة ترى أن كل الأسباب متحققة فتكون مجبرة على التصديق، لكن في الحالات التي يطلب فيها الزوجان الطلاق أو التفريق أمام المحكمة نسعى لإصلاح ذات البين والتأجيل”.
ويحمّل القاضي الحالة الاقتصادية 50% من أسباب الطلاق، إضافة إلى “التدخلات الاجتماعية من ذوي الشريكين وما تتركه من آثار سلبية على الحياة الزوجية، وأخرى تتعلق بالجانب الثقافي وهو تفاوت المستوى العلمي والثقافي بين الشريكين الذي يؤدي إلى عدم التفاهم والانسجام”.
وقال الإبراهيمي إن “حوالي 70% من طلبات الطلاق تقدمها الزوجة التي عادة ما تكون متضررة لذلك يلجأ بعضهن إلى التنازل عن جميع الحقوق في سبيل الانفصال”.
وحول ما إذا كانت هناك حالات طلاق من أزواج بعمر الخمسينات والستينات، يقول الإبراهيمي إن “هذه الحالة موجودة على الرغم من ندرتها، وهذه الحالات يطلب فيها الزوج الطلاق غالبا لأسباب تتعلق بالإهمال وعدم الاهتمام وتحريض الأبناء عليه”.
وبحسب الاحصائية القضائية فان “بغداد تتصدر جميع المحافظات في معدلات الزواج والطلاق، ففي عام 2012 سجلت العاصمة 22 الف و370 حالة طلاق، بينما كان أعلى معدل للزواج فيها خلال العقد الأخير عام 2004 بواقع 72 الف و776 حالة زواج، وفقاً للإحصائية”.
ويتحدث قاضي الأحوال الشخصية موفق سامي عن عوامل أخرى ساهمت في ارتفاع نسب الطلاق تدريجيا منذ عام 2004، فإضافة إلى “العوامل الأساسية المعروفة دخل العامل التكنولوجي أحد أهم مسببات انفصال الأزواج لاسيما الشبّان منهم”.
وقال سامي إن “البلد لم يكن مهيأً لهذه الطفرة التكنولوجية على مستوى التواصل الاجتماعي”.
وفيما يصف القاضي وسائل التواصل الاجتماعي بمواقع “التباعد”، يؤكد أن هذه “الوسائل تجعلك تتواصل مع غرباء لكن على حساب العائلة”، من غير أن ينسى “دور القنوات الفضائية وما تبثه كالدراما التركية التي تصور الحياة الزوجية مثالية جدا وتملأها السعادة ولكن بعد الزواج يصطدم الزوجان بالمجتمع العراقي بظروفه الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي يكون الزوج فيها مُكبت المشاعر بسبب سعيه المتواصل لتحصيل لقمة العيش”.
ومن خلال عمله في محاكم الأحوال الشخصية يجد سامي أن “عدة قضايا طلاق ترد إلى المحكمة موضوعها اكتشاف الزوج علاقات في الفيس بوك لزوجته، أو العكس بالنسبة للمرأة”.
وقال القاضي المطلع على قضايا الطلاق “لمست حالات كثيرة لنساء يشكين من تغير سلوك الزوج بعد الزواج عما كان في فترة الخطوبة، إضافة إلى التدخلات الخارجية من أهالي الأزواج التي تؤثر سلبا”.
وأشار إلى أنه “في حالات كثيرة يأتي ذوو الزوجين يطلبون الطلاق، وما على الزوجين سوى النطق به، وبرغم جهود المحكمة لإصلاح ذات البين ولكن 95% من حالات الطلاق تصل المحكمة والأمر منتهٍ تقريباً”.
وينتهي القاضي سامي إلى القول إن “جهد القضاء لا يكفي وحده لمنع حدوث حالات الطلاق، فالأمر يحتاج إلى توعية مجتمعية وينتظر دوراً لوزارة المرأة وكذلك منظمات المجتمع المدني النسائية”.